خطبة بعنوان - قصة أصحاب الجنة - ألقاها أبوعابد 28 محرم 1436

خطبة بعنوان - قصة أصحاب الجنة - ألقاها أبوعابد 28 محرم 1436هجري


ّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَأَكْثِرُوا مِنَ العَمَلِ الصَّالِحِ، وَجَانِبُوا سَيِّئَ القَوْلِ وَالعَمَلِ؛ فَإِنَّ العَبْدَ لاَ يُغَادِرُ الدُّنْيَا حِينَ يُغَادِرُهَا إِلاَّ بِعَمَلِهِ؛ «يَتْبَعُ الْمَيِّتَ ثَلَاثَةٌ، فَيَرْجِعُ اثْنَانِ وَيَبْقَى وَاحِدٌ، يَتْبَعُهُ أَهْلُهُ وَمَالُهُ وَعَمَلُهُ، فَيَرْجِعُ أَهْلُهُ وَمَالُهُ وَيَبْقَى عَمَلُهُ»،

عباد الله : ﻧﻌﻴﺶ اليوم ﻣﻊ ﺇﺣﺪﻯ ﻗﺼﺺِ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥِ الكريم ﻗﺼﺔٌ ﻣﺎ ﺃﺣﻮﺟَﻨَﺎ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻓﻲ ﺯﻣﻦٍ ﻏﺮﺕِ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮَ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺯﻳﻨﺘُﻬﺎ ﻭﺑﻬﺠﺘُﻬﺎ، ﻗﺼﺔٌ ﺗﻐﺮﺱُ ﻓﻲ ﻧﻔﻮﺳِﻨَﺎ ﺭﺳﺎﻟﺔً ﻃﺎﻟﻤﺎً ﺗﻐﺎﻓﻠﻨﺎ ﻋﻨﻬﺎ، ﻭﻣﺎ ﺯﺍﻟﺖْ ﺗﺆﻛﺪُ ﺗﻠﻚَ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔُ ﺣﻘﻴﻘﺔَ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﻧﻌﻴﻤَﻬَﺎ، ﻭﺃﻥَّ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺍﻟﺤﺬﺭَ ﻣﻦَ ﺍﻟﺮﻛﻮﻥِ ﺇﻟﻴﻬَﺎ،ﻭﺍﻹﻏﺘﺮﺍﺭِ ﺑِﻬَﺎ،ﻗﺼﺔٌ ﺗﺤﺜُّﻨَﺎً ﻋﻠﻰ ﺃﻥْ ﻧﺠﻌﻞَ ﺭﺿﺎ ﺍﻟﻠﻪِ ﻭﺍﻟﺘﻮﻛﻞَ ﻋﻠﻴﻪِ ﻓﻲ ﻛﻞِّ ﺣﺎﻝٍ ﻧُﺼﺐَ ﺃﻋﻴُﻨِﻨَﺎ،ﻭﻟﺘﻜﻦْ ﺛﻘﺘُﻨَﺎ ﺑﻤﺎ ﻓﻲ ﻳﺪِ ﺍﻟﻠﻪِ ﺃﻭﺛﻖَ ﻣﻨﻪُ ﺑﻤﺎ ﻓﻲ ﺃﻳﺪِﻳﻨَﺎ،

ﻗﺼﺔٌ ﺗﻘﻮﻝُ ﺇﻥَّ ﻣﻦْ ﻗﺪَّﻡ ﺷﻴﺌﺎً ﻋﻠﻰ ﻃﺎﻋﺔِ ﺍﻟﻠﻪِ ﻭﺍﻹﻧﻔﺎﻕِ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻠِﻪِ ﻭُﻛِﻞَ ﺇﻟﻴﻪِ ﻭﻋُﺬِّﺏَ ﺑِﻪِ، ﻭﺭُﺑَّﻤَﺎ ﺳُﻠِﺐَ ﻣﻨﻪُ ﻣﻌﺎﻣﻠﺔً ﻟﻪُ ﺑﻨﻘﻴﺾِ ﻗﺼﺪِﻩِ . ﺃﺧﺮﺝ ﺍﺑﻦ ﺃﺑﻰ ﺣﺎﺗﻢ ﻋﻦ ﺍﺑﻦ ﺟﺮﻳﺢ ، ﺃﻥ ﺃﺑﺎﺟﻬﻞ ﻗﺎﻝ ﻳﻮﻡ ﺑﺪﺭ ﺧﺬﻭﻫﻢ - ﻳﻘﺼﺪ ﺑﺬﻟﻚ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ - ﻓﺎﺭﺑﻄﻮﻫﻢ ﻓﻰ ﺍﻟﺤﺒﺎﻝ، ﻭﻻ ﺗﻘﺘﻠﻮﺍ ﻣﻨﻬﻢ ﺃﺣﺪﺍً ﻓﻨﺰﻟﺖ ": ﺇِﻧَّﺎ ﺑَﻠَﻮْﻧَﺎﻫُﻢْ ﻛَﻤَﺎ ﺑَﻠَﻮْﻧَﺎ ﺃَﺻْﺤَﺎﺏَ ﺍﻟْﺠَﻨَّﺔِ " ﻳﻘﻮﻝ ﻓﻰ ﻗﺪﺭﺗﻪ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻛﻤﺎ ﺍﻗﺘﺪﺭ ﺃﺻﺤﺎﺏﺍﻟﺠﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﻨﺔ . ‏(

ﻭﻗﻴﻞ ﺑﺄﻥ ﻫﺬﺍ ﻣﺜﻞ ﺿﺮﺑﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻜﻔﺎﺭ ﻗﺮﻳﺶ، ﻓﻴﻤﺎ ﺃﻧﻌﻢ ﺑﻪ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻣﻦ ﺇﺭﺳﺎﻝ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﺇﻟﻴﻬﻢ، ﻓﻘﺎﺑﻠﻮﻩ ﺑﺎﻟﺘﻜﺬﻳﺐ ﻭﺍﻟﻤﺨﺎﻟﻔﺔ،ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ ": ﺃَﻟَﻢْ ﺗَﺮَ ﺇِﻟَﻰ ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﺑَﺪَّﻟُﻮﺍ ﻧِﻌْﻤَﺔَ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﻛُﻔْﺮًﺍ ﻭَﺃَﺣَﻠُّﻮﺍ ﻗَﻮْﻣَﻬُﻢْ ﺩَﺍﺭَ ﺍﻟْﺒَﻮَﺍﺭِ ﺟَﻬَﻨَّﻢَ ﻳَﺼْﻠَﻮْﻧَﻬَﺎ ﻭَﺑِﺌْﺲَ ﺍﻟْﻘَﺮَﺍﺭ)" 

عباد الله : يروى أن شيخاً كبيرا في السن من أهل الخير والصلاح  كانت له جنة ـ أي بستان كبير مثمر ـ قال أبن كثير أن هذا الرجل من بني إسرائل من قرية ضروان من اليمن  كان يهتم بجنته أشد أهتماما ، فزاده الله خيراً ، ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺄﺗﻲ ﻭﻗﺖ ﻗﻄﻒ ﺍﻟﺜﻤﺎﺭ ﻭﺍﻟﺤﺼﺎﺩ ﻳﻔﺪ ﺇﻟﻴﻪ ﺟﻤﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﻔﻘﺮﺍﺀ،ﻓﻴﻌﻄﻴﻬﻢ ﻧﺼﻴﺒًﺎ ﻭﺍﻓﺮًﺍ، ﻫﺬﺍ ﻳﻤﻸ ﻣﻜﺘﻠﻪ، ﻭﺫﺍﻙ ﻳﺤﻤﻞ ﻓﻲ ﺛﻴﺎﺑﻪ .

 كان يعطي ﻠﻠﻔﻘﺮﺍﺀ ﻭﺍﻟﻤﺴﺎﻛﻴﻦ ﺣﻘﻬﻢ، ﻭﻷﺑﻨﺎﺀ ﺍﻟﺴﺒﻴﻞ ﻧﺼﻴﺒﻬﻢ، ﻭﻟﻠﻄﻴﻮﺭ ﻭﺍﻟﺒﻬﺎﺋﻢ ﻃﻌﺎﻣﻬﺎ، ﻭﻣﺎ ﻓﻀﻞ ﺑﻌﺪﺫﻟﻚ ﻓﻬﻮ له ولأولاده ،

، ولما شاب شعره وانحنا جسمه ، وذوى عوده ، وأخذت الأسقام سبيلها إليه ، وماهي إلا أيام ولقي ربه جل وعلى ، وورث أبنائه الخمسة هذا البستان وهذه الجنة المثمرة الطيبة ، ، ﻭﻣﻀﺖ ﺍﻷﻳﺎﻡ ﺳﺮﻳﻌًﺎ، ﻭﺗﻬﻴﺄﺕ ﺍﻟﺤﺪﻳﻘﺔ ﻟﻠﺠﻨﻲ، ﻭﺩﻧﺖ ﺛﻤﺎﺭﻫﺎ ﻟﻠﻘﻄﻒ، ﻭﺍﺳﺘﺸﺮﻑ ﺍﻟﻔﻘﺮﺍﺀ ﻟﻨﺼﻴﺒﻬﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﺜﻤﺮ ﻛﻌﺎﺩﺗﻬﻢ ﻛﻞ ﻋﺎﻡ، ﻭﺍﺟﺘﻤﻊ ﺍﻷﺑﻨﺎﺀ ﻳﺪﻳﺮﻭﻥ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﻭﻳﻌﺪﻭﻥ ﺷﺄﻧﻬﻢ ﻟﻠﺤﺼﻴﺪ .

، ﻭﻗﺎﻝ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻟﺒﻌﺾ، ﺇﻥ ﺃﺑﺎﻧﺎً ﻛﺎﻥ ﺷﻴﺨﺎً ﻛﺒﻴﺮﺍً ﻗﺪ ﺫﻫﺐ ﻋﻘﻠﻪ ﻭﺧﺮﻑ، ﻓﻬﻠﻤﻮﺍ ﻧﺘﻌﺎﻫﺪ ﻭﻧﺘﻌﺎﻗﺪ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻨﺎً، ﺃﻥ ﻻ ﻧﻌﻄﻲ ﺃﺣﺪﺍً ﻣﻦ ﻓﻘﺮﺍﺀ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻓﻲ ﻋﺎﻣﻨﺎً ﻫﺬﺍ ﺷﻴﺌﺎً، ﺣﺘﻰ ﻧﺼﺒﺢ ﺃﻏﻨﻴﺎﺀ ﻭﺗﻜﺜﺮ ﺃﻣﻮﺍﻟﻨﺎً، ﺛﻢ ﻧﺴﺘﺄﻧﻒ ﺍﻟﺼﻨﻌﺔ - ﻋﺪﻡ ﺇﻋﻄﺎﺀ ﺍﻟﻔﻘﺮﺍﺀ - ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺴﺘﻘﺒﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻨﻴﻦ ﺍﻟﻤﻘﺒﻠﺔ، ﻓﺮﺿﻲ ﺑﺬﻟﻚ ﻣﻨﻬﻢ ﺃﺭﺑﻌﺔ،ﻭﺳﺨﻂ ﺍﻟﺨﺎﻣﺲ ﻭﻗﺎﻝ ﻟﻬﻢ ﺇﺗﻘﻮﺍ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻛﻮﻧﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﻬﺎﺝ ﺃﺑﻴﻜﻢ ﺗﺴﻠﻤﻮﺍ

ﻭﺗﻐﻨﻤﻮﺍ،ﻓﺒﻄﺸﻮﺍ ﺑﻪ ﻭﺿﺮﺑﻮﻩ ﺿﺮﺑﺎً ﻣﺒﺮﺣﺎً، ﻓﻠﻤﺎ ﺃﻳﻘﻦ ﺃﻧﻬﻢ ﻳﺮﻳﺪﻭﻥ ﻗﺘﻠﻪ ﺩﺧﻞ ﻣﻌﻬﻢ ﻓﻲ ﻣﺸﻮﺭﺗﻬﻢ ﻛﺎﺭﻫﺎً ﻷﻣﺮﻫﻢ، ﻏﻴﺮ ﻃﺎﺋﻊ، ﻓﺮﺍﺣﻮﺍ ﺇﻟﻰ ﻣﻨﺎﺯﻟﻬﻢ ﺛﻢ ﺣﻠﻔﻮﺍ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﺃﻥ ﻳﺼﺮﻣﻮﻩ ﺇﺫﺍ ﺃﺻﺒﺤﻮﺍ، ﻭﻟﻢ ﻳﻘﻮﻟﻮﺍ ﺇﻥ ﺷﺎﺀ ﺍﻟﻠﻪ ، ﻓﺈﺑﺘﻼﻫﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﺬﻟﻚ

ﺍﻟﺬﻧﺐ، ﻭﺣﺎﻝ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﻭﺑﻴﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺮﺯﻕ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﺃﺷﺮﻓﻮﺍ ﻋﻠﻴﻪ وهو جني ثمار جنتهم والتي حملت في عامهم ذلك حملاً وافراً وخيراً عظيماً . ولكن الله علم سريرتهم وكشف مكرهم ، " ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين "

أيها المسلمون ولنعلم جميعاً ﺃﻥ ﻣﻦ ﺃﻫﻢ ﺃﺳﺒﺎﺏ ﺯﻭﺍﻝ ﺍﻟﻨﻌﻢ، ﺃﻥ ﺗﻤﻨﻊ ﺣﻖ ﺍﻟﻔﻘﻴﺮ، ﺃﻥ ﺗﻤﻨﻊ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﻣﻦ ﺣﻘﻮﻗﻬﻢ ، فتأملوا معي هذه الأيات الكريمة والتي صور الله تعالى حال أولئك الذين منعوا حق الفقير قات تعالى  : ﴿ ﺇِﻧَّﺎ ﺑَﻠَﻮْﻧَﺎﻫُﻢْ ﻛَﻤَﺎ ﺑَﻠَﻮْﻧَﺎ ﺃَﺻْﺤَﺎﺏَ ﺍﻟْﺠَﻨَّﺔِ ﺇِﺫْ ﺃَﻗْﺴَﻤُﻮﺍ ﻟَﻴَﺼْﺮِﻣُﻨَّﻬَﺎ ﻣُﺼْﺒِﺤِﻴﻦَ * ﻭَﻟَﺎ ﻳَﺴْﺘَﺜْﻨُﻮﻥَ * ﻓَﻄَﺎﻑَ ﻋَﻠَﻴْﻬَﺎ ﻃَﺎﺋِﻒٌ ﻣِﻦْ ﺭَﺑِّﻚَ ﻭَﻫُﻢْ ﻧَﺎﺋِﻤُﻮﻥَ * ﻓَﺄَﺻْﺒَﺤَﺖْ ﻛَﺎﻟﺼَّﺮِﻳﻢِ * ﻓَﺘَﻨَﺎﺩَﻭْﺍ ﻣُﺼْﺒِﺤِﻴﻦَ * ﺃَﻥِ ﺍﻏْﺪُﻭﺍ ﻋَﻠَﻰ ﺣَﺮْﺛِﻜُﻢْ ﺇِﻥْ ﻛُﻨْﺘُﻢْ ﺻَﺎﺭِﻣِﻴﻦَ * ﻓَﺎﻧْﻄَﻠَﻘُﻮﺍ ﻭَﻫُﻢْ ﻳَﺘَﺨَﺎﻓَﺘُﻮﻥَ * ﺃَﻥْ ﻟَﺎ ﻳَﺪْﺧُﻠَﻨَّﻬَﺎ ﺍﻟْﻴَﻮْﻡَ ﻋَﻠَﻴْﻜُﻢْ ﻣِﺴْﻜِﻴﻦٌ * ﻭَﻏَﺪَﻭْﺍ ﻋَﻠَﻰ ﺣَﺮْﺩٍ ﻗَﺎﺩِﺭِﻳﻦَ * ﻓَﻠَﻤَّﺎ ﺭَﺃَﻭْﻫَﺎ ﻗَﺎﻟُﻮﺍ ﺇِﻧَّﺎ ﻟَﻀَﺎﻟُّﻮﻥَ * ﺑَﻞْ ﻧَﺤْﻦُ ﻣَﺤْﺮُﻭﻣُﻮﻥَ * ﻗَﺎﻝَ ﺃَﻭْﺳَﻄُﻬُﻢْ ﺃَﻟَﻢْ ﺃَﻗُﻞْ ﻟَﻜُﻢْ ﻟَﻮْﻟَﺎ ﺗُﺴَﺒِّﺤُﻮﻥَ * ﻗَﺎﻟُﻮﺍ ﺳُﺒْﺤَﺎﻥَ ﺭَﺑِّﻨَﺎ ﺇِﻧَّﺎ ﻛُﻨَّﺎ ﻇَﺎﻟِﻤِﻴﻦَ * ﻓَﺄَﻗْﺒَﻞَ ﺑَﻌْﻀُﻬُﻢْ ﻋَﻠَﻰ ﺑَﻌْﺾٍ ﻳَﺘَﻠَﺎﻭَﻣُﻮﻥَ * ﻗَﺎﻟُﻮﺍ ﻳَﺎ ﻭَﻳْﻠَﻨَﺎ ﺇِﻧَّﺎ ﻛُﻨَّﺎ ﻃَﺎﻏِﻴﻦَ * ﻋَﺴَﻰ ﺭَﺑُّﻨَﺎ ﺃَﻥْ ﻳُﺒْﺪِﻟَﻨَﺎ ﺧَﻴْﺮﺍً ﻣِﻨْﻬَﺎ ﺇِﻧَّﺎ ﺇِﻟَﻰ ﺭَﺑِّﻨَﺎ ﺭَﺍﻏِﺒُﻮﻥَ * ﻛَﺬَﻟِﻚَ ﺍﻟْﻌَﺬَﺍﺏُ ﻭَﻟَﻌَﺬَﺍﺏُ ﺍﻟْﺂَﺧِﺮَﺓِ ﺃَﻛْﺒَﺮُ ﻟَﻮْ ﻛَﺎﻧُﻮﺍ ﻳَﻌْﻠَﻤُﻮﻥَ )﴾

 أقول قولي هذا وأستغفر الله الجليل العظيم لي ولكم من كل ذنب وخطيئة فاستغفروه يافوز المستغفرين

 

الخطبة الثانية

الحمد لله وكفى ، وصلاة وسلاماً على النبي المصطفى وأشهد أن لا إله إلا الله وحده ربي لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله

وبعد أيها المسلمون  : لما أحرموا المساكين والفقراء من فضل الله الذي آتاهم ،  . أﺭﺳﻞ ﺇﻟﻰ ﺟﻨﺘﻬﻢ ﺑﻼﺀً ﺑﺎﻟﻠﻴﻞ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ

ﻳﺼﻠﻮﺍ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻗﻠﻊ ﻧﺒﺘﻬﺎ ﻭﺃﺳﻘﻂ ﺛﻤﺮﻫﺎ ﻭﺟﻔﻒ ﺃﻭﺭﺍﻗﻬﺎ ﻭﺃﻋﻮﺍﺩﻫﺎ،

ﻭﻃﻠﻊ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ﻭﻫﻢ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﻮﺍﺭ ﺍﻟﺤﺪﻳﻘﺔ، ﻓﺄﺧﺬﻭﺍ ﻳﺘﺴﺎﺀﻟﻮن  ﺃﻫﺬﻩ ﺟﻨﺘﻨﺎ؟ ! ﻭﻗﺪ ﺗﺮﻛﻨﺎﻫﺎ ﺑﺎﻷﻣﺲ ﻣﻮﺭﻗﺔ ﺍﻟﺸﺠﺮ، ﺟﺎﺭﻳﺔ ﺍﻟﻤﺎﺀ، ﻓﻮﺍﺣﺔ ﺍﻟﺰﻫﺮ، ﺩﺍﻧﻴﺔ ﺍﻟﻘﻄﻮﻑ !! ﻣﺎ ﻧﻈﻦ ﺃﻥ ﻫﺬﻩ ﺣﺪﻳﻘﺘﻨﺎ ﻭﺇﻧﻨﺎ ﻟﻀﺎﻟﻮﻥ، ﻓﻘﺎﻝ ﺃﻭﺳﻄﻬﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﻧﺼﺤﻬﻢ ﻗﺒﻞ ﺫﻟﻚ: ﺑﻞ ﻫﻲ ﺟﻨﺘﻜﻢ، ﺣﺮﻣﺘﻢ ﻣﻨﻬﺎ ﻛﻤﺎ ﻛﻨﺘﻢ ﺗُﺤﺮﻣﻮﻥ ﺍﻟﻔﻘﺮﺍﺀ، ﻭﺟﻮﺯﻳﺘﻢ ﺑﺄﺳﻮﺃ ﻣﺎ ﻳﺠﺰﻯ ﺍﻟﺒﺨﻴﻞ ﺍﻟﺸﺤﻴﺢ، ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻨﻬﻢ :

 ‏(

ﺃَﻟَﻢْ ﺃَﻗُﻞْ ﻟَﻜُﻢْ ﻟَﻮْﻟَﺎ ﺗُﺴَﺒِّﺤُﻮﻥَ *ﻗَﺎﻟُﻮﺍ ﺳُﺒْﺤَﺎﻥَ ﺭَﺑِّﻨَﺎ ﺇِﻧَّﺎ ﻛُﻨَّﺎ ﻇَﺎﻟِﻤِﻴﻦَ *ﻓَﺄَﻗْﺒَﻞَ ﺑَﻌْﻀُﻬُﻢْ ﻋَﻠَﻰ ﺑَﻌْﺾٍ ﻳَﺘَﻠَﺎﻭَﻣُﻮﻥَ * ﻗَﺎﻟُﻮﺍ ﻳَﺎ ﻭَﻳْﻠَﻨَﺎ ﺇِﻧَّﺎ ﻛُﻨَّﺎ ﻃَﺎﻏِﻴﻦَ * ﻋَﺴَﻰ ﺭَﺑُّﻨَﺎ ﺃَﻥْ ﻳُﺒْﺪِﻟَﻨَﺎ ﺧَﻴْﺮًﺍ ﻣِﻨْﻬَﺎ ﺇِﻧَّﺎ ﺇِﻟَﻰ ﺭَﺑِّﻨَﺎ ﺭَﺍﻍِﺑُﻮﻥَ ‏) ‏[ﺍﻟﻘﻠﻢ 28 32: ‏] .

ﻭﻟﻜﻦ ﻣﻀﻰ ﻗﺪﺭ ﺍﻟﻠﻪ، ﻭﺑﻘﻲ ﺃﺳﻔﻬﻢ ﻭﻧﺪﻣﻬﻢ، ﻭﻟﻴﺬﻭﻗﻮﺍ ﻋﺬﺍﺏ

ﻛﻴﺪﻫﻢ : ‏( ﻛَﺬَﻟِﻚَ ﺍﻟْﻌَﺬَﺍﺏُ ﻭَﻟَﻌَﺬَﺍﺏُ ﺍﻟْﺂَﺧِﺮَﺓِ ﺃَﻛْﺒَﺮُ ﻟَﻮْ ﻛَﺎﻧُﻮﺍ ﻳَﻌْﻠَﻤُﻮﻥَ ‏) ‏[

أيها المسلمون: ﻓﻤﺎ ﺃﺣﻮﺟﻨﺎ ﺃﻥ ﻧﺘﺄﻣﻞ ﻗﺼﺔ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻷﺧﻮﺓ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺇﻋﺘﺒﺮﻭﺍ ﺑﺂﻳﺎﺕ ﺍﻟﻠﻪ، ﻭﺭﺍﺟﻌﻮﺍ

ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ ﺑﺤﺜﺎً ﻋﻦ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻟﻤﺎ ﺭﺃﻭﺍ ﺟﻨﺘﻬﻢ ﻭﻗﺪ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﻛﺎﻟﺼﺮﻳﻢ ، ﻓﻠﻨﻐﻴﺮ ﻣﻦ ﺃﻧﻔﺴﻨﺎ ﻟﻴﻐﻴﺮ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﺎ ﻧﺤﻦ ﻓﻴﻪ، فالمال مال الله والجاه جاه الله " فأما اليتيم فلا تقهر وأما السائل فلا تنهر وأما بنعمة ربك فحدث "

 

ﻧﺴﺄﻝ ﺃﻥ ﻧﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺘﻌﻈﻴﻦ ﺍﻟﻤﻌﺘﺒﺮﻳﻦ.

ﺃﺳﺄﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺃﻥ ﻳﻨﻔﻌﻨﺎ ﺑﻬﺪﻱ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ، ﻭﺳﻨﺔ ﺧﺎﺗﻢ ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ والمرسلين